من هو يسوع في دينكم الإسلام؟

من هو يسوع في دينكم الإسلام؟

1. يسوع هو النبي عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، خلقه الله بمعجزة ربانية، من أم بلا أب ، ليكون في هذا دلالة وعلامة للناس على قدرة الله، الذي نَــــــوَّع في خلقهم، فخلق أباهم آدم من غير ذكر ولا أنثى، وخلق حواء من ذكر بلا أنثى، وخلق بقية الذرية من ذكر وأنثى، إلا عيسى فإنه أوجده من أنثى بلا ذكر، فتمت القسمة الرباعية الدالة على كمال قدرته وعظيم سلطانه فلا إلـٰه غيره ولا رب سواه. 

2. ثم بعثه الله إلى أمة عظيمة، وهم بنو إسرائيل ، فأمرهم بعبادة الله وترك عبادة ما سواه، هذه هي رسالة المسيح عيسى ابن مريم الصحيحة، وكان معه كتاب الإنجيل، فيه تفاصيل العبادات التي شرعها الله على بني إسرائيل، وأمرهم بالإيمان بالنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) إذا بعثه الله، ثم رفعه الله إليه بمعجزة ربانية لما أراد اليهود قتله وصلبه، وسيرجع في آخر الزمان قبل يوم الــــقيامة ويحكم الناس أربعين سنة، هي أفضل أيام الدنيا ، ثم يموت كما يموت الناس.

3. والمسيح عيسى ابن مريم لا يقبل أن يتوجه إليه أحد بالعبادة أو أن يصفه بشيء من أوصاف الربوبية ، وسوف يتبرأ ممن يفعل ذلك يوم القيامة ، كما أخبر الله بذلك في القرآن في قوله

﴿وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم ءأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلـٰهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب * ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد﴾.

4. بشَّر النبي المسيح عيسى ابن مريم بنبي يأتي بعده اسمه «محمد»، والأناجيل المنتشرة بأيدي النصارى (المسيحيين) مذكورة فيها تلك البشارات، وقد ظهر فعلا هذا النبي بعد رفع المسيح بنحو ستمئة سنة، وجاء بشريعة خاتِـمة نهائية عامة للناس كلهم، بني إسرائيل وغير بني إسرائيل، توافق ما في الشرائع الأولى من العقائد، وتجدد ما فيها من الأحكام وناسخة لها، وهي شريعة الإسلام، فمن أدركها فيجب عليه الدخول فيها مع إيمانه بعيسى وموسى وإبراهيم وغيرهم من الأنبياء، لأن من شرط الإيمان بالله هو الإيمان بجميع الأنبياء وعدم التفريق بينهم في ذلك.
يراجع لمعرفة بشارات العهد القديم والجديد بنبوة محمد (نبي الإسلام) كتاب: The Amazing Prophecies of Prophet Muhammad in the Bible 

5. وللعلم فإن جميع الرسل أرسلهم الله لغاية واحدة وهي أن يأمروا أقوامهم بعبادة الله وحده لا شريك له ، وأن يُـحذِّروا الناس من إشراك غيره معه في عبادته ،

قال الله تعالى في القرآن

﴿وما أرسلنا من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إلـٰه أنا فاعبدون﴾.

6. وهذا القدر الرفيع لعيسى ابن مريم لا يُسَوِّغ لأحد من الناس، كائنا من كان، أن يغلو فيه، والغلو هو مجاوزة الحد في التعظيم، كأن يوصف بأنه هو الله أو ابن الله أو ثالث ثلاثة، بل نقول إنه بشر ، حملته أمه مريم البتول بأمر الله «كن»، فكان عيسى في بطن أمه، ثم تقلب في رحمها، ثم ولدته كما وُلِد باقي الأنبياء وباقي الناس، ثم أرسله الله بالإنجيل إلى بني إسرائيل.

7. وبهذا يتبين أن دين الإسلام يسلك مسلكا متوسطا بين مسلكين مذمومين، مــسلك الغُــــلُو ومسلك الـــــــجفاء، فأما مسلك الغلو فسلكه عامة النصارى (المسيحيين)، والغلو هو الزيادة في التعظيم، فالنصارى رفعوا المسيح من مكانته الحقيقية البشرية إلى مستوى الربوبية، نعم، رفعوه من مستوى البشرية والنبوة قالوا إنه رب وابن الرب و إلـٰه، وكذلك قالوا في أمه مريم ، فعبدوهما مع الله، وعبدوا صورهما وتماثيلهما.

وأما مسلك الجفاء والذم فهو مسلك اليهود الذين حطوا من قدر المسيح ، فوصفوه بأنه ولد زنا، حاشاه من ذلك، ولم يعترفوا بنبوته.

أما الإسلام فهو الدين الوسط، الدين الحقيقي المحفوظ من عند الرب من تحريف البشر وعبثهم، المحفوظ من عبث رهبان النصارى وحاخامات اليهود، فبين الحقيقة الغائبة عن هؤلاء وهؤلاء،ووضح أن عيسى ابن مريم بشر رسول ، يأكل الطعام ويمشي في الأسوا ،

قال الله تعالى لأهل الكتاب (وهم اليهود والنصارى – أي المسيحيين):

﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا﴾. 

وقال تعالى

﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيل﴾.

وقال تعالى

﴿لقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير﴾.

وقال تعالى

﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَار﴾.

وقال تعالى

﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا إِلَٰهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيم﴾.

8. ومما ينبغي التنبه إليه هو أن الإيمان بالأنبياء يعتبر ركن من أركان الإسلام ، والذي لا يؤمن بالأنبياء أو يكرههم أو يكره واحد منهم (اليسوع أو موسى أو محمد أو غيرهم) فإنه يكون خارجا من دين الاسلام ، لأنه يكره رسول أرسله الله الى الناس ، والذي يكره الرسول فإنه يكره الذي أرسله وهو الله سبحانه وتعالى.

9. نقض مقولة إن عيسى ابن الله أو أنه إلـٰه كيف يصح بالعقل أن يقال إن عيسى ابن الله ، وأنه قُتِل وصُلِب على الصليب، وأنه بُصِق في وجهه ، وأنه مات ثلاثة أيام ثم قام؟

أفلا يدافع الله - الذي يدبر هذا الكون - عن ابنه، لو كان عيسى هو ابنه حقا؟! 

 كيف يصح بالعقل أن يكون عيسى هو ابن الله، وتُــلحَــق به هذه الإهانة – بل الإهانات - العظيمة؟! لِــمَ لَــم يأمر الله الملائكة أن تدفع عنه شر من أراد قتل ابنه لو كانت هذه الواقعة حقيقية؟ هذا الكلام في المسيح يعتبر من القدح فيه وليس من التكريم والاحترام في شيء.

الموت صفة نقص لا تليق بمن كان ربا، ولا تليق بمن تقلب جنينا في أحشاء أمه وخرج من مخرج البول ، هذا قول لا يصح بالعقل. 

لو كان المسيح ربا فمن الذي كان يدبر أمور الكون في أيام موته الثلاثة؟! ثم كيف يصح أن يقال إن الله اتخذ ابنا واحدا؟ لماذا لم يتخذ عدة أبناء كما هي عادة الملوك والأغنياء والعظماء؟ لو كان المسيح ربا فعلا وإلـٰها حقا فلماذا لم يدفع الموت عن أمه مريم؟ ثم إن المسيح وأمه كانا يأكلان الطعام ويشربان الشراب ، وهذا يلزم منه ضعف بنيتهم الجسمية وحاجتهما المستمرة إلى الغذاء والشراب، والمحتاج إلى غيره لا يكون إلـٰها ، لأن من كان إلـٰها كان غنيا عن غيره. 

ثم إن الذي يأكل الطعام فإنه يحصل منه خروج الفضلات القذرة التي يستحيي الإنسان العادي من ذكرها لما فيها من مركب النقص والقذارة ، فكيف يليق بالرب أن يتخذ ابنا وزوجة وفيهما هذا النقص العظيم الذي يستحي منه البشر ويستقذرون وجوده؟

هذا كله يدل قطعا على بطلان وصف المسيح وأمه بوصف الألوهية والربوبية. 

قال الله في القرآن

﴿ما الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطعام انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّىٰ يُؤْفَكُون﴾.

إن اعتقاد المسلمين في عيسى هو أحسن الأقوال وأعدلها، وهو اللائق بالنبي العظيم المسيح عيسى ابن مريم، فهم لم يرفعوا عيسى ابن مريم إلى منزلة رب العالمين، ولم يخفِضوه ويقولون إنه قُــــتِل وصُــلِب وبُــــصِق في وجهه، بل قالوا فيه مقولة وسطا، وهي أنه بشر، وأنه نبي عظيم من أنبياء بني إسرائيل، وقد عصمه الله من كيد اليهود لما أرادوا قتله ، فحماه الله منهم ورفعه إليه في السماء في معجزة إلـٰهية، وهو باقٍ فيها ينتظر نزوله في آخر الزمان ليبقى فيها حكما عدلا أربعين سنة، ثم يموت كما مات غيره من الأنبياء، ثم يبعثه الله يوم القيامة كما يــــبعث غيره من الأنبياء وغيرهم.

فهذا القول الذي يقوله المسلمون هو الموافق للعقل، وهو الموافق للواقع، وهو الموافق لما جاء في الكتاب المقدس (القرآن) الذي أنزله الله على نبيه محمد، فعِصْمته من القتل والإهانة متوافقة مع كونه نبي، ورفعُه إلى السماء متوافق مع علو منزلته، والقول بأنه بشر وليس إلـٰها متوافق مع العقل لأن كل الأنبياء بشر كذلك، ولأن الله ليس بـحاجة إلى ابن، فهو الغني عن العالَمين، لا يليق به أن يـخلق الـــخلق ثم يحتاج إليهم، وهذا واضح.

التصنيفات الإسلام
عدد المشاهدات 51
عدد المشاركات 0
مشاركة